للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• ثم قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٥]:

قوله: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ} أي: يمتنع غاية الامتناع لأي نفس من الأنفس أن تموت إلَّا بإذن الله، مهما حاول الناس أن يميتوا أحدًا بدون إذن الله، فإنهم لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلًا. وإذا جاءت (ما كان) فإنها للممتنع إما شرعًا أو قدرًا، فهذه الآية {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} أي: ما كان قدرًا لنفس أن تموت إلَّا بإذن الله.

وقوله: {لِنَفْسٍ} نكرة في سياق النفي فتعم كل نفس من الآدميين وغير الآدميين، لا يمكن لأي نفس أن تموت إلَّا بإذن الله.

وقوله: {أَنْ تَمُوتَ} الموت هو مفارقة الحياة، ويحصل هذا بانفصال الروح عن الجسد انفصالًا تامًا، وذلك لأن الروح تتصل بالبدن اتصالًا تامًا، وتنفصل منه انفصالًا ناقصًا، وتنفصل منه انفصالًا تامًا؛ فإذا كان الإنسان يقظًا فالاتصال تام، وإذا كان نائمًا فهو انفصال ناقص، وإذا مات الإنسان فهو انفصال تام، لكن هذا لا يمنع أن تعود إليه في قبره عودًا ليس على الوجه الذي عليه في الدنيا؛ لأن حياة البرزخ تخالف حياة الدنيا، فالإنسان في قبره تعاد إليه روحه ويجلس ويخاطب ويتكلم ويفهم، ولكن ليست هذه الحياة كحياة الدنيا؛ لأنها لو كانت كحياة الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>