للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخوف ليس بعض الإنسان وإنما يشتمل عليه الإنسان، يعني (يستبشرون بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) أي: لا خوف عليهم فيما يستقبل من أمرهم، ولا هم يحزنون على ما قضى من أمرهم؛ لأن الأصل أن الخوف للمستقبل والحزن للماضي.

وقوله: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ}:

الجملة استئنافية تُبين استبشارًا آخر سببه غير السبب الأول، الأول سببه أنهم ينتظرون إخوانًا لهم لم يلحقوا بهم، والسبب الثاني للاستبشار ما أنعم الله عليهم من النعمة والفضل.

وهنا قال: {يَسْتَبْشِرُونَ}، وقبلُ بقليل قال: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ} ولا منافاة بينهما، فهم فرحون بما حصل، ويستبشرون بالذي سيحصل، فهم فرحون بما آتاهم الله مغتبطون به مسرورون به، ومع ذلك يستبشرون بفضل زائد، ولهذا قال: {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ}، ومن ذلك أنهم يُؤمِّلون النظر إلى وجه الله، وأنهم بُشّروا بالخلود الذي لا موت بعده، ويستبشرون أيضًا بما وعدهم الله تعالى في الدنيا وما زالوا يذكرونه؛ لأن في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}:

فيها قراءتان: (وإِنَّ الله) بالكسر، (وأَنَّ الله) بالفتح، فعلى قراءة الفتح تكون معطوفة على نعمة، أي: وبـ (أن الله)، وعلى قراءة الكسر تكون استئنافية من كلام الله عزّ وجل، لا من كلامهم، أي: يستبشرون بنعمة من الله وفضل. والله قد جازاهم على عملهم وبـ {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: لا يتركه هملًا وسدًى بل لابد أن يُثيبهم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>