هذه معطوفة أيضًا على {مُصَدِّقًا}، فهو مصدق ونبي، ولا يلزم من تصديقه بعيسى أن يكون تابعًا له، فهاهو محمد عليه الصلاة والسلام مصدق بجميع الأنبياء وهم يتبعونه ولا يتبعهم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:"لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلا اتِّباعي"(١)، ولهذا صار إمامًا لهم ليلة المعراج، وإذا نزل عيسى في آخر الزمان يحكم بشريعة النبي عليه الصلاة والسلام. المهم أن تصديقه لعيسى ابن مريم لا ينافي أن يكون نبيًّا، فهو نبي مصدق بالأنبياء، ولهذا قال:{وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}، وقوله:{مِنَ الصَّالِحِينَ} أي: من جملتهم، وإنما قلنا ذلك لأن النبوة وصف أعلى من الصلاح، لكن هو في جملة الصالحين، فالنبوة صلاح وزيادة. والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}[النساء: ٦٩]، فالصالحون في المرتبة الرابعة.