وجعل الغلبة للنفس المطمئنة سلمت منها، ويدخل في النصر على القوم الكافرين النصر على الشيطان، فإن الشيطان كافر، قال الله تعالى:{إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[البقرة: ٣٤] ويدخل في ذلك النصر على كفار الإنس، وذلك حين قتالهم فإن الإنسان إذا لم ينصره الله عليهم فإنه لا ناصر له كما قال تعالى:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}[آل عمران: ١٦٠].
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - أن هؤلاء الربيين الذين قاتلوا مع النبي كملت منهم الأفعال والأقوال، من الأفعال قوله تعالى:{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا}[آل عمران: ١٤٦] ومن الأقوال: أنهم لجأوا إلى الله عزّ وَجَلَّ بسؤال المغفرة، مغفرة الذنوب والإسراف في الأمر، لأنهم يعلمون أن ما أصابهم إنما هو بسبب الذنوب.
٢ - أنَّه ينبغي على الإنسان أن يدعو الله تعالى بهذا الدعاء لاسيما عند ملاقاة الكفار حتَّى ينتصر عليهم:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
٣ - أن الإنسان مفتقر إلى مغفرة الله؛ لقوله:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}، ولو كان غنيًا عنها ما سألها ولكنه مفتقر إليها غاية الافتقار، حتَّى إن النبي عليه الصلاة والسلام لمّا حدّث أصحابه أنَّه لن يدخل الجنَّةَ أحد بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:"ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله برحمته"(١).