للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل الغلبة للنفس المطمئنة سلمت منها، ويدخل في النصر على القوم الكافرين النصر على الشيطان، فإن الشيطان كافر، قال الله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٣٤] ويدخل في ذلك النصر على كفار الإنس، وذلك حين قتالهم فإن الإنسان إذا لم ينصره الله عليهم فإنه لا ناصر له كما قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: ١٦٠].

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن هؤلاء الربيين الذين قاتلوا مع النبي كملت منهم الأفعال والأقوال، من الأفعال قوله تعالى: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} [آل عمران: ١٤٦] ومن الأقوال: أنهم لجأوا إلى الله عزّ وَجَلَّ بسؤال المغفرة، مغفرة الذنوب والإسراف في الأمر، لأنهم يعلمون أن ما أصابهم إنما هو بسبب الذنوب.

٢ - أنَّه ينبغي على الإنسان أن يدعو الله تعالى بهذا الدعاء لاسيما عند ملاقاة الكفار حتَّى ينتصر عليهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

٣ - أن الإنسان مفتقر إلى مغفرة الله؛ لقوله: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}، ولو كان غنيًا عنها ما سألها ولكنه مفتقر إليها غاية الافتقار، حتَّى إن النبي عليه الصلاة والسلام لمّا حدّث أصحابه أنَّه لن يدخل الجنَّةَ أحد بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلَّا أن يتغمدني الله برحمته" (١).


(١) تقدم تخريجه (ص ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>