للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك أنه خُلق عالٍ يهبه الله عزّ وجل لمن يشاء، فإذا كان الإنسان عنده عزم في أموره فهذا هو الموفق، أما الإنسان الذي ليس عنده عزم فتجده دائمًا في ملل، وفي كسل، وفي تهاون، فإن هذا لا شك خاسر، فالإنسان العازم في أموره هو الرابح دنيا ودينًا: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن من البلاغة تأكيد الشيء بما يوجب الاطمئنان فيه؛ لقوله: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}. والتأكيد يقول علماء البلاغة: "إنه قد يكون حسنًا، وقد يكون واجبًا، وقد يكون لغوًا".

يكون لغوًا: إذا لم تدعُ الحاجة إليه، وذلك لأن التأكيد لابد فيه من زيادة؛ وهي زيادة الحروف التي حصل بها التأكيد، فإذا لم يكن حاجة إليه صار لغوًا، ثم إنه أيضًا لغو من حيث المعنى، ولهذا لو أنك أكدت لشخص شيئًا شاهده لعتب عليك، كما لو قلت: والله لقد صليت ركعتين حين دخلت المسجد، وهو يراك ويشاهدك، فإنه سيقول لك: كيف تقسم لي وأنا أشاهدك، هذا لغو من القول.

ويكون حسنًا: -أي التوكيد- إذا كان عند المخاطب شيء مِن التردد، فيحسن أن تؤكِّد له الكلام ليطمئن.

ويكون واجبًا: إذا كان المخاطب مُنْكِرًا أو فاعلًا فعل المُنْكِر، والمُنْكِر: هو الذي إذا ألقيت إليه الخبر أنكره، وقال: أبدًا ما يصح، فهنا يجب أن تؤكد له الكلام، وفاعل فعل المُنْكِر: هو الذي يفعل فعلًا لو كان مصدقًا ما فعله، ولهذا قال الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} [المؤمنون: ١٥] هنا فيه تأكيد

<<  <  ج: ص:  >  >>