يستر ولهذا قالوا: إن الكفر أصله الستر؛ لأن الإنسان يستر نعمة الله عليه لا يظهرها عليه، والنعمة تقتضي الشكر، فإذا لم تشكر فهذا هو الكفر. إذن {فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} معناه: فلن يحرموا ثوابه لأنهم إذا حرموا ثوابه كان فعلهم لهذا الخير خفيًا (أي ليس له أثر).
قال تعالى:{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}:
فيجازيهم على تقواهم، والتقوى لها فوائد كثيرة، وتخصيص العلم بالمتقين من أجل الحث على التقوى والحذر من مخالفتها وعدم القيام بها وإلا فإن الله عليم بكل شيء.
[من فوائد الآيات الكريمة]
١ - أن أهل الكتاب ليسوا بسواء، فإن منهم أمة ضالة ومنهم أمة قائمة بأمر الله، وهو صريح في هذه الآية:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}.
٢ - بيان عدل الله تعالى وأنه يعطي كل ذي حق حقَّه، فلما ذكر الذم -ذم أهل الكتاب- في الآيات السابقة فقد يتوجه الفهم إلى أن جميع أهل الكتاب على هذا الوصف أنهم يكفرون بآيات الله، ويقتلون الأنبياء بغير حق، ويعصون الله ويعتدون على حقِّه وحقِّ عباده، فقال:{لَيْسُوا سَوَاءً} أي منهم من ليس كذلك.
٣ - أن من أهل الكتاب أمة، والأمة تقتضي الجمع والعدد الكثير بهذا الوصف المحمود المطلوب، وقد ذكروا أنه أسلم من اليهود نحو عشرين رجلًا، ومن النصارى عدد كثير أيضًا، ولذلك عبّر بقوله:{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالأمة هنا أمة الإِسلام؛ ولكن هذا بعيدٌ جدًا؛ لأن {أُمَّةٌ}