للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولها: {الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}، الرجيم: بمعنى المرجوم، وأصل الرجم القذف بالحجارة؛ ومنه: رجم الزاني، وعلى هذا فيكون في الكلام استعارة، أي أننا استعرنا الرجم بالحجارة الدال على إبعاد المرجوم للمُبْعَد المطرود. فالرجيم هنا: فعيل بمعنى مفعول؛ أي مطرود مبعد عن رحمة الله عزّ وجل، ومن العلماء من قال: إن الرجم يأتي بمعنى الطرد حقيقة لا استعارة، وإنما استعاذت بالله لها من الشيطان الرجيم؛ لأن الشيطان الرجيم مبعد عن رحمة الله، والمبعد عن الرحمة يريد أن يبعد كل إنسان عن الرحمة لاسيما بنو آدم؛ لأن بني آدم أعداء للشيطان، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: ٦] فهو عدو، والعدو لا يريد من عدوه إلا ما فيه هلاكه، ولهذا استعاذت بربها عزّ وجل لهذه الأنثى من الشيطان الرجيم لئلا يغويها ويضلها، قال الله تعالي: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: ٦٠].

وقوله تعالى: {وَذُرِّيَّتَهَا}.

لم يكن لها ذرية إلا عيسى ابن مريم، وهل لعيسى ذرية؟ الله أعلم، قد يكون له ذرية، وقد لا يكون، لكن مهما كان هي قالت: {وَذُرِّيَّتَهَا} بناءً على الأصل والغالب أن الأنثى تتزوج ويكون لها ذرية، ولكن الله عزّ وجل أراد لهذه المرأة شيئًا آخر.

قال الله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ}.

تقبل: قال أهل اللغة: بمعني قَبل، ولهذا قال: (قبول)

<<  <  ج: ص:  >  >>