للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• ثم قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٤٧].

لما ذكر الله سبحانه وتعالى حسن فعل هؤلاء الربيين الذين قاتلوا مع الأنبياء وقتلوا، وأنهم ما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، وهذا حسنُ فِعْل ذَكَرَ حسنَ قولهم فقال: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا}: (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر، فهي تساوي المصدر أي: وما كان قولهم إلَّا قولهم: ربنا اغفر لنا ذنوبنا.

وهذه جملة مفيدة للحصر، يعني حصرت أقوالهم عند هذه المصائب أنهم سألوا الله المغفرة؛ مغفرة الذنوب والإسراف، وسألوه الثبات، وذلك لأن ما أصابهم إنما أصابهم بالذنوب كما قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥] إذن علاقة هذه الآية بما قبلها أنَّه لما ذكر الله حسنَ فعالهم ذكر حسنَ مقالهم.

أما من حيث الإعراب فيقول المعربون: إن (قول) خبر كان مقدم، و (أن) وما دخلت عليه (أن قالوا) اسمها مؤخر، وعلى هذا فهو من باب تقديم خبر كان.

{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ} يعني عند حدوث القتل {إِلَّا أَنْ قَالُوا} الضمير يعود على الباقين منهم الذين لم يقتلوا؛ لأن الذين قتلوا لا يمكن أن يقولوا هذا. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا}، (ربنا) يعني يا ربنا، فهو منادى حذفت منه ياء النداء تخفيفًا وتيمنًا بالبداءة باسم الله. فحذف ياء النداء هنا له وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>