للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَي عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَي الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: ٥٩ - ٦١].

لقد مرَّ علينا أن هذه الآيات نزلت حين قدم وفد نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا نصارى، وكان قدومهم في سنة تسعة من الهجرة؛ لأن تلك السنة كثر فيها الوافدون إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا تسمي سنة الوفود، وهذا أحد الأسباب التي منعت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحج في العام التاسع مع أن مكة قد فتحت.

قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}، يعني شأنه -أي شأن عيسى- عند الله كشأن آدم لا يختلف عنه، فكما أننا متفقون علي أن آدم خلقه الله عزّ وجل من غير أب ولا أم -والنصاري يؤمنون بهذا- فما بال النصاري يقولون: كيف خلق الله عيسي بلا أب ما هو إلا ابنه، نعوذ بالله .. فقالوا: إنه ابن الله جزء منه، ولم يقولوا: إن آدم ابن الله مع أنه لو كان أحد يدعي البنوة في أحد من البشر لكان الأحق بها آدم؛ لأنه ليس له أم ولا أب .. أما عيسى فله أم، والأم أحد الوالدين، فإذا كنا نقول: لا يمكن أن يوجد أحد من أب بلا أم، أو من أم بلا أب فلنقل: ولا أحد يوجد بدون أم ولا أب، فأنتم أيها النصاري أقررتم بأن آدم ليس ابنًا لله فيلزمكم أن تقروا بأن عيسي ليس ابنًا لله؛ لأن مثل عيسي كمثل آدم. {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}، خلقه يعني ابتدأ خلقه من تراب، وضمير المفعول في خلقه يعود علي آدم؛

<<  <  ج: ص:  >  >>