وهذا نظير قول يوسف عليه الصلاة والسلام:{أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف: ١٠١]. ليس المعنى أنه يسأل الله أن يتوفاه الآن، بل أن يتوفاه على الإسلام متى جاء أجله، وكذلك قول مريم:{قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا}[مريم: ٢٣] ليس معناه أنها تمنت الموت بل تمنت أن هذا لم يقع، يعني معناه نقول:"يا ليتني مت وأنا ما رأيته".
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - أنه ينبغي للإنسان أن يعترف بنعمة الله عليه غير مانٍّ بها على ربه؛ لقولهم:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا}.
٢ - أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة إلى الإيمان:{يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}.
٣ - بيان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذل الجهد في دعوة الخلق إلى الحق؛ لأن النداء يكون برفع الصوت، فكأن الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو الناس بأعلى صوته يناديهم للإيمان.
٤ - أن الكلمات قد يستغنى بمضمونها عن تفصيلها؛ لقوله:{رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا} أي: بكل شيء يجب الإيمان به، فكل ما أخبر الله به وصدقنا به وأقررنا به فهو داخل في الإيمان بالله عزّ وجل.
٥ - الإشارة إلى بيان علة الإيمان؛ لقوله:{أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ} فالرب أهل لأن يؤمن به الإنسان لأنه رب خالق، مالك، مدبر، فهو جدير بأن يؤمن به العبد.
٦ - أن ذكر الإنسان لعمله الصالح لا يحبطه، فإذا قال: أمرني ربي بالصلاة فصليت، أو بالزكاة فزكيت، أو بالحج