للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن هُدِي الهداية الأولى من الله، ثم الرسول، ثم أولو العلم، لكن هداية التوفيق خاصة بالله عزّ وجل، لو اجتمع جميع الخلق على أن يهدوا أحدًا هداية توفيق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، ولكنهم يدُلُّون ويحثُّون ويُرغِّبون.

وقوله: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. فيها قراءتان: بالسين والصاد، (سراط، وصراط)، لأن الصاد والسين تتناوبان دائمًا.

وقوله: {صِرَاطٍ} هو الطريق الواسع، يسمى سراطًا وأصله من (الزرط) بالزاي الابتلاع بسرعة؛ لأن الطريق الواسع يلجه الناس، ويخرجون منه بسرعة، بخلاف الضيِّق، فإن الناس يزدحمون فيه ولا يكادون يخرجون منه إلا بمشقة.

وقوله: {مُسْتَقِيمٍ} أي غير معوج، بل هو مستقيم، وهو يشمل الاستقامة نزولًا وارتفاعًا، والاستقامة انحرافًا واعتدالًا. إذن هو معتدل وليس فيه نزول ولا ارتفاع؛ لأن الصراط وهو الطريق إذا كان فيه انحراف واعتدال لم يكن مستقيمًا، ويُبطئ الوصول إلى الغاية. كذلك إذا كان مختلفًا نزولًا وارتفاعًا، فإنه ليس بمستقيم؛ لأنه تطول المسافة، ويحصل مشقة عند الارتفاع وعند النزول.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

من فوائد قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}:

١ - تحذير المؤمنين من طاعة الكفار، لقوله {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ}.

٢ - أن الكفار ولو كانوا أهل كتاب يحاولون غاية المحاولة أن يردُّوا المؤمنين عن إيمانهم إلى الكفر. وقائل هذا هو الله

<<  <  ج: ص:  >  >>