للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالم بما في صدورهم. قد يتظاهرون لنا بالمسالمة والمداهنة، وأنهم أولياء، وأنهم أصدقاء، ولكن في قلوبهم الحقد، والغل، ومحبة أن نرتد أعقابنا كافرين، من أين نعلم هذا الذي في قلوبهم وهم يبدون لنا الود والصداقة والمحبة؟ نعلم هذا من القرآن الكريم.

فإن قال قائل: إن الله يقول: {فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، والفريق مبهم ما ندري، ربما بعضهم على خلاف ذلك، وإذا وُجد الاحتمال بَطَل الاستدلال، فلا يمكن أن تعين طائفة من أهل الكتاب تقول: هؤلاء يُحبُّون أن نرتد على أعقابنا كافرين، لا يمكن أن تُعيِّن ما دام الله يقول: "فريقًا"، الفريق مبهم، فإذا قلت: إنهم هؤلاء، قلنا لك: بل هؤلاء، بل أولئك، فما هو الميزان إذن؟ لنا على هذا جوابان:

الجواب الأول: أن الله ذكر في آيات أخرى أن جميع الكفَّار يودُّون منا أن نكفر، وهو شامل لأهل الكتاب وغيرهم: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: ٨٩] {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: ٢]. {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: ١٠٩].

إذن هناك آيات تدل على أن جميع الكفار، ومن ضمنهم أهل الكتاب يودُّون منا ذلك.

الجواب الثاني: أن نقول هذا الفريق المبهم، يُبيِّنه الواقع، وهو أن من أهل الكتاب من آمن، ومن آمن لا يمكن أن يُحب من غيره أن يكفر، وحينئذ نقول: المراد بالفريق هنا من لم يؤمن منهم، فكل من لم يؤمن فهو داخلٌ هذا الفريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>