للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١٦) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عمران: ١١٦ - ١١٧]:

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} يشمل كل من كفر بالله من يهودي أو نصراني أو شيوعي أو دهري أو مسلما ارتد، المهم أن كل من كفر بالله فهذا حكمه، والكفر ذكر أهل العلم أنه قسمان: كفر مخرج عن الملة، وكفر غير مخرج عن الملة. وعليه يتنزل قول ابن عباس في قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] قال: كفر دون كفر، ومن أمثلة هذا النوع أعني الكفر الذي لا يخرج عن الملة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" (١)، فإن قتال المسلم ليس بكفر أي ليس بكفر مخرج عن الملة ولكنه كفر دون كفر؛ لأنه لا أحد يقدم على قتل المسلم إلا الكافر، فإذا قدم المسلم على قتل أخيه المسلم فقد أتى بخصلة من خصال الكفر، والدليل على أن قتال المسلم ليس بكفر مخرج عن الملة قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩]. ثم قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت" (٢) ولها


(١) تقدم تخريجه في المجلد الأول (ص ٥٦٠).
(٢) رواه مسلم، كتاب الإيمان, باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، رقم (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>