للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمثلة. المهم أن هذا كفر أصغر لا يخرج من الإِسلام.

أما الكفر الأكبر فهو الكفر الذي يخرج من الإِسلام مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٦] وهنا يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الظاهر -والله أعلم- أن المراد به الكفر الأكبر؛ لقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} لأن أصحاب النار لن يكونوا إلا الكفار كفرًا أكبر؛ لأن صاحب الشيء هو الملازم له، ومن كفر كفرًا أصغر فإنه لن يلازم النار بل لابد له من الخروج منها؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} أي لن تدفع عنهم شيئًا من عذاب الله إذا أراد الله بهم سوءًا، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: ١١] وحينئذ نقول: إن قوله: {لَنْ تُغْنِيَ} أي لن تمنع ولن تدفع، فهي عاجزة عن منع ما أراد الله وعن رفعه.

وقوله: {أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} ذكر الأموال لأن الأموال يفتدي بها الإنسان نفسه في مواطن الحرج، لو أن أحدًا أمسك شخصا وأراد أن يحبسه أو أن يقتله أو يعتدي على عرضه وقال له: دعني أنا أعطيك ما شئت من المال أو خُذ ما شئت من مالي، حينئذ أغنى عنه المال. والأولاد كيف يغنون عن الإنسان شيئًا؟ لأن الأولاد يدافعون عن آبائهم وأمهاتهم، وهم -أي الأولاد- أشد الناس حماسا في الدفاع عن آبائهم وأمهاتهم، فالإنسان لا يمكن أن يدع عدوه يبطش بأبيه أو أمه أبدًا وهو على قيد الحياة، فلهذا قال: {وَلَا أَوْلَادُهُمْ} لأن الأولاد هم الذين يدافعون عن آبائهم وأمهاتهم. {مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}، شيئًا: نكرة في

<<  <  ج: ص:  >  >>