{وَإِنْ تَوَلَّوْا} وهي تفيد الحصر، يعني: ما عليك نحوهم إلا البلاغ، وقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، أما الهداية فهي بيد الله سبحانه وتعالى، ولو كان بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من الهداية -هداية التوفيق- لكان أول من يهتدي على يديه عمه أبو طالب.
وقوله:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}:
بصير بهم: أي عليم بأحوالهم، وعليم بأهلية من يصلح للهداية ومن لا يصلح.
والبصر هنا: بصر الرؤية، وبصر العلم. فالله تعالى بصير بالعباد (بالرؤية)، لا يخفى عليه شيء منهم. و (بالعلم): لا يخفى عليه شيء من أحوالهم.
والعباد هنا: يشمل جميع الخلق؛ لأنه ما من أحد في السموات ولا في الأرض إلا آتي الرحمن عبدًا:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[مريم: ٩٣].
فإذا كان الله بصيرًا بالعباد، وأنت قد أديت ما عليك من البلاغ فالحساب على الله، كما قال الله تعالى:{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}[الرعد: ٤٠].
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - في هذه الآية دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - له من يحاجه من أعدائه، وهو كذلك فإنهم حاجوه في أصل الدين، وفي فروع الدين، وسخروا منه، وأوجدوا الشبهات الكثيرة.
٢ - أن هؤلاء الذين يحاجون الرسول عليه الصلاة والسلام لا يحتاجون إلى كبير عناء؛ لأنهم يحاجون على أمر واضح،