حججهم كلها متهافتة ليس لها ما يقيمها على قدميها فضلًا عن أن تكون مهاجمة، هي لا تدافع عن نفسها فضلًا عن أن تهاجم غيرها، لكن مع ذلك يموهون. فعلى الإنسان أن يحترز من هؤلاء الذين يلبسون الحق بالباطل.
٧ - التوبيخ لمن سلك هذا المسلك. ووجه ذلك: أن تخصيص التوبيخ لأهل الكتاب ليس تخصيصًا للشخص والعين، ولكنه بالجنس والنوع والوصف، فكل من كان على شاكلتهم فإنه يستحق هذا التوبيخ.
٨ - وجوب بيان الحق على من عَلِمَه؛ لقوله:{وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، أما من لم يعلم فعذره ظاهر، ثم اعلم أن بيان الحق يجب عند السؤال عنه إما بلسان الحال وإما بلسان المقال. السؤال بلسان المقال أن يأتيك شخص ويقول: ما حكم كذا وكذا؟ والسؤال بلسان الحال أن يقع الناس في معصية يحتاجون إلى أن تبيَّن لهم، لا تقل: إن الناس لما لم يأتوا إلي ويسألوني فأنا لست بملزم. أنت ملزم لابد أن تبين لهم الحق ولا تكتم.
* * *
• لما ذكر الله تعالى مكرهم بالقول ذكر مكرهم بالحيل الفعلية فقال:{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[آل عمران: ٧٢].
{آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} يعني القرآن، وإن شئت فقل الشريعة كلها، آمنوا به {وَجْهَ النَّهَارِ} أي: أوله. والدليل على أن المراد بوجه النهار أوله قوله:{وَاكْفُرُوا آخِرَهُ}.