للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مريم بشَّر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ولم يأتِ بعد! فالذي جاء اسمه محمد. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: ١٤٤]. {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: ٢٩]، فنحن ننتظر أحمد! فهم يلبسون الحق بالباطل ويمكرون. ولكن من أعطاه الله علمًا وفهمًا تبين له أنهم ملبسون. وقد ألف علماء المسلمين -ولله الحمد- في بيان باطلهم ودحض حججهم ما هو كالشمس إضاءةً ونورًا يخفي ضوؤه كل ساطع.

والجواب عن هاتين الشبهتين أن يقال: في الآيات الأولى قيد الله عزّ وجل من له الأجر من هؤلاء الأصناف بقوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [المائدة: ٦٩] فأنتم ما آمنتم بالله واليوم الآخر بنص هذه الآية: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}. أنتم مؤمنون لما كانت رسالة النبي الذي أرسل إليكم قائمةً، أما وقد نسخت، فإذا بقيتم عليها فأنتم كفار.

وقوله: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦] إذن فأحمد جاءكم ولا نعلم أن نبيًا جاء بعد عيسى إلا محمد - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذا فيكون هذا التمويه لا يخفى على الإنسان الذي يعطيه الله تعالى علمًا وبصيرة، وقد ألف شيخ الإسلام رحمه الله كتابًا سماه: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" والرد على النصارى من أئمة المسلمين كثير.

٦ - أنه يجب الحذر من أهل الباطل إذا لبسوا الحق بالباطل، وألا نغتر بهم لأنهم يأتون بزخرف القول غرورًا. ومن هذا ما حصل للمبتدعة من هذه الأمة، فإنك إذا سمعت كلامهم قلت: لا أعدل بذلك شيئًا، هذا هو الحق ولن أتجاوزه، ولكنه كما قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>