للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي دين إبراهيم، دين إبراهيم دين اليهود والنصاري، وأنتم تعلمون أن الإسلام دين الله الحق؛ لأن اليهود والنصاري يعلمون أن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الدين الحق، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٤٦]، فصارت المحاجة الآن إما في الكتابين وإما في دين الإسلام وما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام {فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} والمحاجة التي يراد بها إثبات الباطل وإبطال الحق مذمومة، حتى وإن كانت عن علم، بل هي إن كانت عن علم أشد ذمًا، فكيف تحاجون فيما ليس لكم به علم وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟

{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

والله يعلم الأمر علي ما هو عليه في شأن إبراهيم، وفي شأن محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفي شأن موسي وعيسي، وأنتم لا تعلمون ما يعلمه الله تعالى من هذا وغيره. ولكن نفي العلم عنهم هنا ليس رفعًا للإثم عنهم، ولكنه إيذان بجهلهم وجهالتهم، وأن تصرفهم كتصرف الجاهل. فهو في الأول قال: لا تعقلون، وفي الثاني قال: لا تعلمون، فجمعوا بين السفه في الرأي والتدبير، وبين الجهل في العلم والتصور، ولهذا قال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - التنزل مع الخصم يعني لو فرضنا أن المحاجة قبلت منكم فيما لكم به علم، فإنها لا تقبل منكم فيما ليس لكم به علم.

٢ - ذم المحاجة بغير علم؛ لقوله: {فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>