للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه هو المخلوق من التراب، خلقه أي: خلق آدم من تراب {ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

نحن قلنا: ابتدأ خلقه ثم قال: كن، والأمر هذا لتمام الخلق، وإنما قلنا ذلك لئلا يقول قائل: كيف تكون كلمة (كن) بعد الخلق؟ لأن الترتيب العقلي يقتضي أن تكون كلمة (كن) قبل الخلق، كن فكان؟ فنقول: إن معنى خلقه أي: ابتدأ خلقه من تراب ثم قال له: كن بشرًا فكان بشرًا، وهل هذا القول (كن) قول قدري أو شرعي؟ قول قدري، والقول القدري لا يتخلف عنه المقول؛ لأنه أمر حتمي بخلاف القول الشرعي، فإن من الناس من يستكبر عنه، يقول الله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣] فيقول: لا، لا أقيم الصلاة. أما القول الكوني فإنه لا مرد له {كُنْ فَيَكُونُ}، ولم يقل: فكان، على حكاية الحال يعني لمّا قال: كن فعلًا شرع بالكينونة حتى تمت.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - في هذه الآية بيان إقامة الحجة بمثل ما يحتج به الخصم؛ لأنه أقام الحجة على النصارى بمثل ما احتجوا به، فقال: إذا قلتم: إن عيسى ابن الله؛ لأنه خلق بلا أب، فقولوا: إن آدم ابن الله، وإلا فأنتم متناقضون.

٢ - بيان قدرة الله سبحانه وتعالى حيث خلق آدم من غير أم ولا أب، وخلق عيسى من أم بلا أب، وهناك أيضًا صنفان آخران: من خلق من أب بلا أم وهي حواء، ومن خلق بين أب وأم وهم سائر البشر.

٣ - إثبات القياس، من أين يؤخذ؟ {كَمَثَلِ آدَمَ}، وكل

<<  <  ج: ص:  >  >>