للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥ - أن مَنْ مَنَّ الله عليه بنعمة كان ذلك موجبًا لتقوى الله، فالنصر سبب للتقوى والذل لله والخضوع له والانطراح بين يديه، كما فعل النبي عليه السلام حين فتح مكة دخل مطأطأ الرأس يتلو كتاب الله عزّ وجل، خلافا لما يفعله الناس اليوم أو بعض الناس إذا انتصر جعل هذا النصر سببًا للأشر والبطر والملاهي والأغاني وغير ذلك من المعاصي، بل قد يكون بعد النصر أكثر منه فسوقًا مما قبل الحرب، وهذا خلاف ما أمر الله به؛ لأنه قال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ} فأمر بالتقوى بعد النصر لئلا يشمخ الإنسان بأنفه ويتطاول على ربِّه بانتصاره فيعود إلى ما كان عليه من الفرح والبطر والأشر.

٦ - أن تقوى الله تعالى من الشكر لله؛ لقوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وهذا أمر لا شك فيه أن التقوى من الشكر بل هي الشكر حقيقة؛ لأن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، والشكر هو القيام بطاعة المنعم بالقلب واللسان والجوارح.

* * *

• ثم قال تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: ١٢٤، ١٢٥]:

قوله: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا من الخطابات التي تختص برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فالخطابات الموجهة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>