للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنهم إذا قالوا عالم، لم يمنع المشاركة على وجه المماثلة؛ لأنه يقال: فلان عالم وفلان عالم، لكن إذا قيل: فلان أعلم من فلان، امتنعت المشاركة على وجه المماثلة لظهور التفضيل. فهم الآن فروا من شيء ووقعوا في شر منه، ففروا من أن يطلقوا أعلم على الله لأنها تقتضي اشتراك المفضل والمفضل عليه في أصل المعنى، لكن وقعوا في معنى لا يمنع المشاركة على وجه المماثلة، وهذا شر.

إذن نقول: إن أعلم اسم تفضيل على ظاهرها، ولا يستلزم ذلك شيئًا مما ينزه الله عنه، ونحن نعلم أن هناك اشتراكًا في العلم بين الخالق والمخلوق، لكن يمتاز الخالق بما يختص به، والمخلوق بما يختص به، فمثلًا الله يعلم أن هذا عمود من الحديد، والإنسان يعلم، لكن علم الله أشد إحاطة من علم الإنسان وأسبق، وهو علم لا يزول، فعلم الإنسان ليس كإحاطة علم الله، وليس أزليًا، وليس أبديًا، فيختص الخالق بعلمه والمخلوق بعلمه، ولهذا قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

من فوائد قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}:

١ - تسلية المؤمن بقضاء الله وقدره؛ لقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ}، لأن المؤمن إذا علم أنه من عند الله رضي وسلَّم.

فإن قال قائل: ما الجمع بين هذا وبين قوله فيما سبق: {أَوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>