غرهم: الغرور والخداع بمعنى واحد متقارب، يعني: أن هؤلاء خدعوا، أو انخدعوا في دينهم؛ حيث ظنوا أنهم على حق، وبعضهم عاند الحق عالمًا به مفتريًا كاذبًا، ومما كانوا يفترونه قولهم:{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - بطلان الأماني وأن النفس قد تُمني الإنسان ما لا يكون، لأن هؤلاء منتهم أنفسهم حيث قالوا:{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}.
٢ - تحذير الإنسان أن يتكل على الأماني؛ لأن هذا من صنع اليهود والنصارى. وكثير من العامة الآن يقعون في المعاصي، ويمنون أنفسهم بالمغفرة إذا وقعوا في المعصية.
صحيح أن الله غفور رحيم، لكن الله قال أيضًا: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩ - ٥٠]. وقال:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٩٨].
فلما أمر نبيه أن ينبئ بدأ بالمغفرة، ولما أخبر عن نفسه بدأ بالعقوبة، لأن المقام مقام سلطان وعلو.
يتمنى بعض العاصين الأماني ويقول:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨]، فهو يريد أن يزني ويسرق ويشرب الخمر ويعمل كل شيء دون الشرك، ثم يقول: إن الله يقول: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وهذا خبر من الله عزّ وجل وهو أصدق القائلين! !
فنقول: اقرأ الآية، لا تكن أعمى، أو أعور لا تنظر إلا