للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مذهب القدرية الذين قالوا: إن الله لا يشاء أفعال العباد، فإذا كان لا يشاء أفعال العباد، وقلنا: إنه لا يقدر إلا على ما يشاء، لزم أن لا يكون قادرا على أفعال العباد.

ثالثًا: أننا إذا قلنا: على ما يشاء قدير، فقد خرجنا عما وصف الله به نفسه؛ لأن الله قال: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

فإن قال قائل: ماذا تقولون في قصة الرجل الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكون آخر أهل الجنة دخولًا، وأن الله يقول له: إني على ما أشاء قادر (١)؟

فالجواب عن ذلك: أن هذا حديث عن مسألة وقعت، فإذا وقع شيء من الأشياء وكان الإنسان يستغرب وقوع هذا الشيء فقال: كيف يقع هذا الشيء؟ فنقول له: "إن الله على ما يشاء قادر" يعني أن الله لمَّا شاءه وقع.

أما إذا أردنا أن نصف الله بالوصف المطلق غير المقيد بفعل فإن الأولى أن نقول: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

* * *

• ثم قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: ١٦٦ - ١٦٧].

قوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ} (ما) هذه شرطية، ودليل أنها شرطية


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده، رقم (٣٨٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>