للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسببًا. فمثلًا إذا كان هؤلاء أئمة قادة، لمَّا كفروا كفر من يتبعهم، فإن توبتهم لا تكفي حتى يصلحوا ما فسد على أيديهم، وذلك بمحاولة إرجاع الذين كفروا تبعًا لهم إلى الإيمان. إذا كان الإنسان كفر بكتابة ما يخالف الدين، فلا يكفي أن يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، ولن أعود إلى كتابة ما يخالف الدين، حتى يصلح ما أفسد بأن يكتب ردًّا على ما كتب أولًا؛ لأن المفاسد المتعدية لابد فيها من إصلاح، ولهذا قال: {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} والجواب هنا قد يبدو غير مطابق لما سبق؛ لأنه قد يتوقع السامع أن يكون الجواب فإن الله يتوب عليهم، ولكن الجواب كان ثناءً على الله باسمين من أسمائه وهما الغفور والرحيم، قال: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ولكن يؤخذ من هذين الاسمين أن هؤلاء الذين تابوا وأصلحوا يغفر الله لهم؛ لأن مقتضى هذين الاسمين يعمهم فيغفر الله لهم ويرحمهم، الغفور هو من يغفر الذنوب. ومغفرة الذنوب هو سترها والتجاوز عنها. والرحيم هو من يرحم العباد. والرحمة صفة تقتضي الإحسان والإنعام. وفي الجمع بين الغفور والرحيم زيادة معنى على ما يتضمنه الاسمان، وهو أن الله تعالى قد جمع بين المغفرة التي بها زوال المكروه، وآثار الذنب، والرحمة التي بها حصول المطلوب وهو النعمة والإحسان. إذن إذا تابوا وأصلحوا غفر الله لهم.

[من فوائد الآيات الكريمة]

من فوائد قوله عزّ وجل: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}:

<<  <  ج: ص:  >  >>