للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتمعت العزة والحكمة كمل الموصوف بهما. إذن أقول: الحكيم من الحكم والإحكام، فهو سبحانه وتعالى الحاكم ولا حاكم غيره، وهو المحكم أي المتقن لما حكم به سواء كان الحكم كونيًا أو شرعيًا، والحكمة أو الإحكام الذي بمعني الإتقان هو وضع الشيء في موضعه اللائق به بحيث لا يقال: إن هذا غير لائق أو هذا غير موافق، بل يكون موافقًا مطابقًا لما تقتضيه المصلحة، إذن الحكيم مشتق من الحكم والإحكام. ثم نقول:

الحكم نوعان: حكم كوني، وحكم شرعي.

فالحكم الكوني: ما قضي به الله قدرًا.

والحكم الشرعي: ما قضي به شرعًا.

والفرق بينهما ظاهر؛ الحكم الشرعي يتعلق فيما يحبه الله عزّ وجل فعلًا أو تركًا، فإن نهي عن شيء فهو يحب تركه، وإن أمر بشيء فهو يحب فعله. ويمكن أن يتخلف الحكم الذي حكم الله به، هذا الحكم الشرعي.

أما الحكم الكوني فيتعلق فيما يحبه وما لا يحبه، ولا يمكن أن يتخلف، لابد أن يكون.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تأكيد أن ما أخبر الله به عن عيسى ابن مريم هو الحق، ويتفرع من هذه القاعدة أن كل ما خالفه مما تكلمت به النصاري في شأن عيسي فهو كذب باطل لا يوافق الواقع.

٢ - أن من بلاغة الكلام أن يكون مطابقًا للواقع أو موافقًا لمقتضي الحال، وجه ذلك أن هذه الجملة {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ}، أكدت بثلاثة مؤكدات؛ لأن المقام يقتضي هذا، إذ إن

<<  <  ج: ص:  >  >>