للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإنكار عليه، ونفي انتفاعه بذلك الإيمان. ولكن قال الله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: ٩٢]، لا لمصلحتك لكن {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: ٩٢]، والذين خلفه بنو إسرائيل، لأن بني إسرائيل قد أرعبهم فرعون، ولو لم يظهر لهم بدنه على سطح الماء لكانوا يَشُكُّون؛ لعله ما دخل في قومه، أو لعله سَلِمَ، فأبقى الله جسده فقط، لا روحه، حتَّى يعلموا أنَّه قد مات.

وقوله: {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ}:

والباء هنا للسببية من وجه، وللعوض من وجه آخر، للسببية يعني أنَّه بسبب ذنوبهم، لأن الله لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، ولم يأخذ الله أحدًا إلَّا بذنب. وللعوض من جهة أخرى أنَّه لم يظلمهم، بل جعل جزاءهم من جنس العمل {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: ١٦٠].

وقوله: {وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}:

خَتْم الآية بهذا الوصف مناسب جدًا؛ لأن هؤلاء الذين أخذوا بذنوبهم أخذوا بالعقاب الشديد الذي لا أشد منه.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - أن الكفار لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا.

٢ - أن المؤمنين ينتفعون بأموالهم وأولادهم، فالمؤمن يتصدق بماله فينتفع، ويدعو له ولده في حياته وبعد موته فينتفع. أما الكافر فلا ينتفع ولو دعا له ولده، ولا يحل لولده أن يدعو له إلَّا إذا كان حيًّا، فيحل له أن يدعو له بالهداية.

<<  <  ج: ص:  >  >>