للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقل ما استحقوا به أن توجه إليهم التكاليف بالأمر والنهي، صاروا أهلًا للأمر والنهي، ولهذا لا يوجه الأمر والنهي إلى البهائم؛ لأنها لم تعط عقولًا، فكان إعطاء العقل لبني آدم معناه أو مقتضاه إلزامهم بالتكاليف، حتى ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة، أما البهائم فآخر أمرها أن تكون ترابًا، تبعث يوم القيامة، ويقتص من بعضها لبعض، ثم يقال: كوني ترابًا فتكون ترابًا.

٢١ - أنه إذا كان الله غنيًا عن العالمين، لزم أن يكون العالمون مفتقرين إليه، وليس بهم غنى عن الله. وهو كذلك، فإن الخلق مفتقرون إلى الله تعالى غاية الافتقار، ولهذا ينبغي لك أن تسأل ربك بلسان الحال أو لسان المقال، في كل أمورك، واستعن بالله في كل أمورك {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] لا يغفل عن بالك تعلقك بالله سبحانه وتعالى في كل شيء، وقد جاء في الحديث: "ليسأل أحدكم ربَّه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع" (١)، أي شراك النعل الزهيد الذي لا يساوي شيئا، لا تغفل عن سؤال الله إياه، إما بلسان الحال، وإما بلسان المقال.

* * *

• قال تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: ٩٨].

هنا أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يوبخ هؤلاء الذين من أهل


(١) رواه الترمذي، كتاب الدعوات، باب ليسأل الحاجة مهما صغرت، رقم (٣٩٧٣، ٣٩٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>