الكتاب، وفي آية سبقت كان الخطاب من الله:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}[آل عمران: ٧٠] وهنا أَمْرٌ من الله للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم:{قُل يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}"لِمَ": الاستفهام هنا للتوبيخ، واللام حرف جر، و (ما) استفهامية، لكن حذفت ألفها لأن (ما) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها مثل: (لِمَ، عَمَّ، فيمَ، علامَ) وما أشبه ذلك.
يقول الله عزّ وجل:{لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} تكفرون؛ أي تجحدونها، وتتغافلون عنها، وتتعامون عنها. والمراد بالآيات هنا الكونية والشرعية، الكفر بالآيات الكونية يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: أن ينكر أن الله خلقها.
الثاني: أن يعتقد أن لله تعالى شريكًا في إيجادها.
الثالث: أن يعتقد أن لله معينًا فيها.
أما الكفر بالآيات الشرعية فيتضمن أمرين:
الأول: تكذيبها، بأن يكذب بأنها من عند الله، أو يكذب بأخبارها، والتكذيب إما أن يكون في أصلها بأن يقول: هذه لم تنزل من عند الله، أو يكذب أخبارها، أي خبر فيها إذا كذبه فهو تكذيب بالجميع؛ لأنه لا يمكن أن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض.
الثاني: مخالفتها، ثم إن كانت مخالفة تامة فهو كفر أكبر، وإن كانت غير تامة فهو كفر أصغر. وهو ما يعبر عنه بكفر دون كفر أو بالفسوق.
وقوله:{وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}، شهيد: أي شاهد. وأتى