للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦]، لكنه - صلى الله عليه وسلم - سبب للتزكية. ففي الآية جواز إضافة الشيء إلى سببه، لكن بشرط أن يكون معلومًا أنه سبب إما عن طريق الشرع، أو عن طريق العقل أو الحس.

* * *

قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥)} [آل عمران: ١٦٥].

قوله: {أَوَلَمَّا} الهمزة هنا تلاها حرف عطف، وقد مرَّ علينا كثيرًا أن الهمزة إذا وليها حرف عطف، فلعلماء النحو في ذلك قولان:

أحدهما: أن العطف على شيء مقدر يناسب المقام.

والثاني: أن العطف على ما سبق. وعلى هذا الوجه تكون الهمزة مقدمة عن موضعها، وموضعها بعد حرف العطف، وهذا أسهل على المعرب؛ لأنه لا يحتاج إلى تكلف المقدر، وأحيانًا قد يصعب على الإنسان أن يقدر شيئًا مناسبًا.

وقوله: {لَمَّا}: شرطية؛ ودليل كونها شرطية أنها تحملت فعل الشرط وجوابه؛ فعل الشرط في قوله: {أَصَابَتْكُمْ} وجوابه في قوله: {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}.

(ولمّا) تأتي على عدة وجوه: فتأتي بمعنى (إلا) وتأتي بمعنى (حين) وتأتي بمعنى (لم) وتأتي شرطية؛ ففي قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: ٤] بمعنى: إلَّا، وفي قوله تعالى: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: ٨] بمعنى: لم، وإن كان بين "لم" و"لما" فروق لكن هي هنا بمعنى "لم" النافية. وفي قوله تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ} [يونس: ٩٨] قال

<<  <  ج: ص:  >  >>