للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض العلماء: (لما) هنا بمعنى حين. فهذه وجوه أربعة و"لَمَّا" الواردة في كتاب الله عزّ وجل.

وقوله: {أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}: أصابتكم يعني: حلَّت بكم مصيبة قد أصبتم مثليها، أي حلَّ بكم مثلاها. وهذه المصيبة هي ما حلَّ بهم في أُحد؛ فإنه قتل منهم سبعون رجلًا، وعلى رأسهم أسد الله وأسد رسوله وعم النبي - صلى الله عليه وسلم -: حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه -.

وقوله: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} يشير سبحانه وتعالى إلى ما حصل في يوم بدر؛ حيث قُتل سبعون رجلًا من المشركين، وأُسر منهم سبعون رجلًا، فسبعون مع سبعين ضعفان، ولهذا قال: {أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}، وأما قول من قال: إن في الآية إشارة إلى موقعة الأحزاب، وأن النصر سيكون للمسلمين فإنه غير صحيح؛ أولًا: لأنه خلاف الظاهر حيث قال: {قَدْ أَصَبْتُمْ} وهذا فعل ماضٍ، ولم يقل: قد تصيبون. والشيء الثاني: أنهم في غزوة الأحزاب لم يصيبوا مثليها في الواقع؛ لأن غزوة الأحزاب لم يحصل فيها إلا قتل يسير جدًا، وانتصارهم في الأحزاب كان بما أرسل الله عليهم من الريح والجنود.

فإن قال قائل: كيف قال: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} مع أن المقتول سبعون، والمأسور سبعون، والأسر ليس كالقتل؟ .

قلنا: إن الأسر يحصل به من الإذلال مثل ما يحصل بالقتل، وربما يكون أكثر؛ لأن المقتول يقتل ويستريح، ولكن المأسور يستذل، ولهذا يخير الإمام في المأسورين بين أربعة أمور: الفداء بمال أو بأسير مسلم، أو الرق، أو القتل، أو المنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>