للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدون شيء: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: ٤]، فالحاصل أن الأسر في الإذلال كالقتل إن لم يكن أشد منه.

وقوله تعالى: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}: قلتم جواب "لمَّا" أي: إذا أصابتكم مصيبة قلتم: كيف أصابنا هذا؟ ! وكيف تأتينا الهزيمة ونحن جنود الله، ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ !

وقوله عزّ وجل: {أَنَّى هَذَا} (أنَّى) هذه استفهامية، وتأتي شرطية؛ ففي قولك: أنى تقم أقم، هذه شرطية.

وفي مثل هذه الآية استفهامية، وهذا الاستفهام للتعجب، ولا أظن أن يكون للإنكار؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لا ينكرون من قدر الله شيئًا، ولكنهم يتعجبون: كيف يصيبنا هذا، ونحن جند الله، ومع رسول الله؟ ! قال تعالى: {قُلْ} أي: قل يا محمد {هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} وهنا أَمَرَ الله نبيَّه أن يقول ولم يقل عزّ وجل: {هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، بل أمر نبيه أن يبلغهم. وهذا الأمر للتبليغ الخاص، وقد قلنا: إن القرآن كلَّه قد أُمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغه جميعًا للناس.

وتوجد بعض الأحكام والأخبار التي يؤمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبلغها تبليغًا خاصًا، أي: قل لهؤلاء الذين قالوا: {أَنَّى هَذَا}: {هُوَ} أي: ما أصابكم {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} أي: منكم، (ومِنْ) هنا للسببية؛ أي: فأنتم السبب.

والسبب الذي يظهر لنا هو ما حصل من النزاع والمعصية للنبي عليه الصلاة والسلام؛ حيث أمرهم أن يبقوا في المكان الذي عيَّنه لهم، سواء كانت الغلبة للمسلمين، أو كانت الغلبة

<<  <  ج: ص:  >  >>