للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين في غزوة أُحد لم يحصل منهم الشرط الذي شرطه الله وهو التقوى والصبر، وذلك لأنهم حصل منهم تنازع وفشل ومعصية، فلم يكونوا على الحال التي يستحقون بها ما شرط الله لهم، وهذا القول أصح وأقرب أن يكون المراد بذلك غزوة أُحد، وأنه لم يحصل الإمداد؛ لأن الإمداد كان مشروطًا بشرط ولم يتحقق، وعلى هذا فلا يبقى إشكال بين الآيتين؛ لأن كل آية نزلت في غزوة، ثم إنه يجب أن نعلم أن الذي وعدهم به الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير الذي وعدهم الله به، فليس الكلام من متكلم واحد بل من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن الله تعالى، فالرسول قال: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ} والله قال: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

من فوائد قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ}:

١ - ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في معاملة أصحابه من إدخال الأمل في قلوبهم عند اشتداد الأزمات، وهذه هي الطريقة السليمة، لأنك إذا أدخلت الأمل على الناس نشطوا ونسوا ما هم فيه من الهم والغم، أما بعض الناس فيكون على العكس تجده يدخل على الناس التشاؤم والمروعات والمخيفات، كلما قلنا انتهت هذه المروعات جاءنا بما هو أشد ترويعًا، هذا لا شك أنه خلاف السياسة الشرعية بل وخلاف العقل، نعم الشيء الذي تدعو الضرورة إليه مما يروع هذا لابد منه، أما الذي لا تدعو الحاجة إليه ولا الضرورة فافتح للناس باب الأمل، فالرسول - صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>