للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني كأنهم لانحطاط مرتبتهم أنزلهم المتكلم منزلة البعيد منه لأنه يتبرأ منهم ومن أعمالهم.

{لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} العذاب هو العقوبة -والعياذ بالله- لأنه يؤلم صاحبه ويعذبه، والعظيم هو الشيء المستعظم في كيفيته وفي كميته؛ لأن عذابهم -نسأل الله العافية- شديد متنوع، يسقون من ماء حميم -والعياذ بالله- إلى برودة كذلك، كما أنه عظيم في دوامه مستمر أبدي، نسأل الله العافية.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - في الأولى وجوب الدعوة إلى الخير، تؤخذ من لام الأمر {وَلْتَكُنْ} والأصل في الأمر الوجوب.

٢ - أن ذلك على الكفاية؛ لقوله: {مِنْكُمْ} وهذا على القول بأن (مِن) للتبعيض، أما إذا قيل إن (مِن) لبيان الجنس فإنه يدل على أنه يجب على الأمة كلها أن تكون أمة داعية إلى الخير، بمعنى أنه لا ينتظر بعضهم بعضًا هل يأمر أو لا يأمر، بل كلهم يكونون مستعدين لذلك. كلهم دعاة، فمثلًا: إذا قيل لشخص: قُم وادع إلى الخير قال: فلان يدعو إلى الخير وفيه كفاية، هذا لا ينبغي، بل ينبغي أن يدعو إلى الخير ما استطاع؛ لأنه قال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} تكن أمة بمجموعها تدعو إلى الخير.

٣ - ملاحظة الإخلاص؛ لقوله {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} لا إلى أنفسهم؛ لأن بعض الناس يدعو إلى نفسه، وبعض الناس يدعو إلى الخير، وعلامة الداعي إلى نفسه أنه لا يريد من الناس أن يخالفوه ولو كان على خطأ، وهذا لا شك أنه داع إلى نفسه، ثانيًا: من علامة ذلك أنه يكره أن يقوم غيره بذلك، أي بالدعوة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>