للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقلًا يدرك به الأشياء وهو العقل المضاد للجنون ولم يعطه عقلًا يحسن به التصرف وهو العقل المضاد للسفه، فهو لا ينتفع بالقرآن.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن هذا القرآن كلام الله؛ لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ}، ولا يَرِدُ مثل قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥]، وقوله: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [الأنعام: ٩٩] لأن الكلام صفة لا تقوم بذاتها، لا تقوم إلا بمتكلم، بخلاف الحديد والماء فإنهما عين قائمة بنفسها؛ فتكون مخلوقة، وأما القرآن فليس بمخلوق، لأنه صفة الخالق عزّ وجل، والمخلوق شيء بائن عن الخالق منفصل عنه.

٢ - إثبات علو الله عزّ وجل، لقوله: {أَنزَلَ} والإنزال لا يكون إلا من أعلى إلى أسفل، فإذا كان القرآن كلامه ونزل فالله تعالى فوق، وهو كذلك. ومذهب أهل السنّة والجماعة بل مذهب الرسل كلهم أن الله تعالى فوق كل شيء، ألم تروا إلى فرعون قال: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: ٣٦ - ٣٧]، وهذا يدل على أن موسى قال له: إن الله فوق. فالعلو لله عزّ وجل ثابت بخمسة أنواع من الأدلة: الكتاب والسنّة والإجماع والعقل والفطرة.

أما الكتاب فأدلته أكثر من أن تحصى، أدلة متنوعة تارة بذكر العلو، وتارة بالفوقية، وتارة بنزول الأشياء، وتارة بصعود الأشياء، وتارة بذكر كونه في السماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>