للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلمة "سميع" أعم من كونها لما يقول لهم حين ترتيبهم وتبوئهم، فتكون أشمل، وهذا هو الأحسن لأنه كلما كان اللفظ شاملًا كان أحسن وأعم، "عليم" أي عليم بما يحدث من قول وفعل وحال وحاضر ومستقبل.

ثم قال تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}:

{إِذْ} قال المفسرون أو المعربون: إنها بدل من {إِذْ} الأولى، يعني يكون التقدير على هذا: (اذكر إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا).

{هَمَّتْ}: الهَمُّ يطلق على مجرد حديث النفس، ويطلق الهَمُّ على العزم، يعني أن الإنسان قد يهم ويحدث نفسه هل يفعل أو لا يفعل، يقال هذا "هَمَّ" ويطلق على العزم المصمم الذي ينفذ إن لم يوجد مانع، وهنا الطائفتان وهما بنو سلمة وبنو حارثة همّوا أن يفشلوا، والفشل هنا بمعنى الجبن والخوف، يعني أن هاتين الطائفتين وقع في قلوبهما الهم بالانهزام، وسببه ما جرى من المنافق عبد الله بن أبي بن سلول الذي انخزل بنحو ثلث الجيش، وتعرفون أنه إذا انخزل ثلث الجيش فإن هذه ثُلمة كبيرة في الجيش، فهاتان القبيلتان همّتا أن تفشلا، أن تجبنا وترجعا ولكن الله تعالى ثبَّتهما، ولهذا قال: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} فثبّتهما سبحانه وتعالى فلم تفعلا ما عزمتا عليه.

وقوله: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} هذه ولاية خاصة، وولاية الله تعالى تنقسم إلى عامة وخاصة، فالولاية بمعنى التدبير للشؤون ولاية عامة، والتي بمعنى العناية أي تقتضي العناية ولاية خاصة، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>