للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: أن المراد بقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} بيان أن الذين تخلفوا عن غزوة أحد، وهم مقدار ثلث الجيش لم يكن منهم شهيد؛ لأنهم نجوا بأنفسهم، فلكونهم ظلمة لم يتخذ الله منهم شهداء، فيكون ذلك تنديدًا بالذين تخلفوا ورجعوا من أثناء الطريق، وهم عبد الله بن أبي ومن تبعه من المنافقين، فكأنه قال: اتخذ منكم أيها الصفوة شهداء ولم يتخذ من أولئك الذين نكصوا على أعقابهم؛ لأن هؤلاء ظلمة والله لا يحبهم.

الوجه الثاني: أن الذين قتلوا في أُحد؛ قتلوا على أيدي المشركين، والمشركون هم الظالمون كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، فهل انتصار الظالمين في أُحد واستشهاد من استشهد من المسلمين في أُحد لأن الله يحب الظالمين ويكره المؤمنين؟ لا!

إذن {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} لئلا يظن ظان أن انتصار المشركين في تلك الغزوة من محبة الله لهم، فبيَّن الله عزّ وجل أنه لا يحب الظالمين.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - بيان رأفة الله سبحانه وتعالى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بهذه التسلية العظيمة {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ}.

٢ - أنه ينبغي للإنسان أن يعزي المصاب بمثل هذه التعزية فيقول مثلًا: يا أخي لست أول من أصيب، كم من أناس أصيبوا بهذه المصيبة أو أكثر، ويقول له مثلًا: قدّر أن المصيبة أعظم من هذا؛ لأن كل شيء ممكن، فإذا أصبت بفَقْدِ ألف فقدِّر أنك

<<  <  ج: ص:  >  >>