للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩ - أنه ينبغي للإنسان أن يحترس في الحكم، وألا يطلق الحكم بل يحترس فيه؛ لقوله: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ}، ربما في المستقبل أيضًا يغير الله حالهم فيكون الإيمان أقرب، فأنت إذا حكمت على شخص فينبغي لك أن تقيّد؛ لأن الإطلاق ربما يأخذ المحكوم عليه هذا الحكم مطلقًا.

* * *

• ثم قال: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨)} [آل عمران: ١٦٨]:

يقول عزّ وجل: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} (الذين) هنا بدل من (الذين) السابقة في قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} أو صفة، وكونها صفة أولى بل هو المتعين، وذلك لأن البدل يكون هو المقصود من الحكم دون المبدل منه، فإذا قلت: أكرم زيدًا عمرًا، عمرًا بدل من زيد، فالذي يُكرم عمرو. وإذا قلت: كُلِ الرغيفَ ثُلُثَه، يأكل الثلث، فلو أكل النصف لأكل السدس بغير حق، فإذا قال: أنت قلت لي: كُلِ الرغيف، قلت: لكني أبدلت وقلت: ثلثه، فالسدس الذي أكلته زائد فتكون آثمًا، ولصاحب الرغيف أن يطالبك بقيمة السدس، على كل حال البدل هو المقصود بالحكم كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:

التابع المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى بدلا

وعلى هذا فيتعين أن تكون (الذين) الثانية صفة لـ (الذين) الأولى، واسم الموصول يصح أن يكون صفة، لأنه بصلته يكون بمعنى المشتق.

وقوله: {لِإِخْوَانِهِمْ} أي: إخوانهم ظاهرًا، هذا هو الصحيح،

<<  <  ج: ص:  >  >>