للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ٧٧].

هذه الآية لها صلة بما قبلها، وهي أن هذا العمل من جنس العمل السابق {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ١٦]، فهذه الآية فيها أيضًا نوع من أكل أموال الناس بالباطل.

قوله: {يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} يقال: {يَشْتَرُونَ} ويقال: (يشرون).

البائع مُعطي، والمشتري آخذ. الشاهد لهذا من القرآن قوله تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} [النساء: ٧٤]. يعني يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة.

وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٠٧]، أي يبيع نفسه، وأما الاشتراء الذي بمعنى الأخذ ففي مثل هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}، يعني يأخذون ثمنًا قليلًا بعهد الله، فينكثون عهد الله من بعد ميثاقه، ويحلفون على الكذب بالأيمان من أجل الدنيا.

وقوله: {بِعَهْدِ اللَّهِ} يحتمل أن يكون المراد بما عاهدوا الله عليه، ويحتمل أن يكون المراد بما عاهدوا الخلق عليه، فأما على الأول أي بما عاهدوا الله عليه، فهو ظاهر من الآية؛ لأن الله أضاف العهد إليه، ومثاله: أن يكتم العالم علمه من أجل عرَض من الدنيا، فإن الله عهد إلى العلماء أن يُبيِّنوا العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>