للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلنا في هذا الحديث مخرجان:

الأول: أنه يُعذِّبهم وهو غير ظالمٍ لهم، أي لا يُعذِّبهم إلا لذنب، فيكون الحديث مطابقًا للآية.

والثاني: أن المراد بذلك مناقشة الحساب؛ لأن الله لو ناقشهم لكانتْ نعمة واحدة من نعمه سبحانه وتعالى تُحيط بجميع أعمالهم، فيبقون وليس لهم رصيد.

فإن قال قائل: هذه صفة سلبية كما يقولون، فهل توجد الصفات السلبية في صفات الله؟

فالجواب: نعم، ولكن المراد بالصفات السلبية: ثبوت كمال ضدِّها، فهو لا يظلم لا لعجزه عن الظلم، ولكن لكمال عدله.

* * *

• ثم قال تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ١٨٣]:

هذا أيضًا من كذب هؤلاء اليهود، أنهم قالوا: إن الله عهد إلينا أي: أوصانا وصيةً موثقةً بالعهد. يُقال: عهِد إليه: أي أوصى إليه وصيَّةً موثقةً بالعهد، ومنه العهد بالولاية، أي: ولاية الحاكم إلى من بعده، فإنه يُوصي بالحكم إلى من بعده، مثل عهد أبي بكر - رضي الله عنه - إلى عمر.

فمعنى عهِد إلينا، أي: أوصانا وصيَّةً مُثَبَّتة بالعهد {أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} هكذا قالوا، وهذا من كذبهم كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>