للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزواجر، ولهذا كان الزبور الذي أوتيه داود أكثره مواعظ وزواجر.

{وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}: (الكتاب) بمعنى المكتوب، و (المنير) بمعنى المنير للظلمات.

وهذا العطف الذي في قوله: {وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} هذا من باب عطف الصفة على الصفة الأخرى؛ لأن الزبر تتضمَّن الكتاب المنير، وعطف الصفات بعضها على بعض موجود في القرآن، ومنه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: ١ - ٤]. فقوله: {وَالَّذِي قَدَّر} هذا من باب عطف الصفات، و (الذي أخرج المرعى) أيضًا من باب عطف الصفات، فالتغاير تغاير صفة وليس تغاير ذات.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام، ويتفرَّع عليها أن يتسلى الإنسان في كل ما أصاب غيره، فمثلًا: الآمر بالمعروف أو الناهي عن المنكر قد يؤذى فليتسلى بأذيَّة غيره؛ لأن الإنسان إذا علم أن غيره أُصيب بما أُصيب به لا شك أنه ينسى الحزن، كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخرًا:

ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أسُلِّي النفس عنه بالتأسي

الشاهد هنا قولها: "أُسلِّي النفس عنه بالتأسي"، فالإنسان إذا نظر يمينًا وشمالًا، وإذا هذا مصاب بعقله، وهذا مصاب ببدنه، وهذا مصاب بأهله، وهذا مصاب بماله؛ يتسلَّى.

كذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا قال الله له: {فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>