للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلِكَ}، لا شك أنه تهون عليه المصيبة وأنه يتسلى بذلك؛ لأنه بشر يلحقه من أحكام البشرية ما يلحق غيره.

٢ - أن الرسل يؤذون بالتكذيب، ولا أظن أن شيئًا أشق على النفس من التكذيب فيمن جاء بالصدق. والإنسان يكاد يتقطَّع إذا أَخبر بشيء صدقٍ ثم قيل له: كذبت، فكيف وهُم من عند الله عزّ وجل مؤيدون بآياته، لا شك أنها شديدة عليهم ولكنهم يصبرون عليهم الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا} [الأنعام: ٣٤]، يعني: وعلى ما أوذوا، أو معطوفة على كذبت أي: وحصل لهم الأذية أيضأ، فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم النصر.

٣ - أن الرسل لابد أن يؤيدوا بالبينات؛ لقوله: {جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ}.

٤ - أن الرسل السابقين كلهم جاؤوا بكتاب، ما من رسولٍ إلا ومعه كتاب، ويؤيد هذا قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥]. وذلك لأنه لابد لكل رسولٍ من شريعة، والشريعة إنما تكون بما يكتب سواءً نزلت وحيًا ثم كتبت، أو نزلت مكتوبة كالتوراة، فإن الله كتبها بيده وأنزلها عزّ وجل.

٥ - أن الكتب السابقة ككتابنا كلها تنير الطريق لمن أراد المسير، ولكن أعظمها إنارة هو هذا القرآن الكريم، ولهذا كان مهيمنًا على ما سبق من الكتب، فكل الكتب التي سبقت منسوخة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>