للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} هذا أمر بتقوى الله عزّ وجل، وسبق لنا مرات كثيرة أن المراد "بالتقوى" اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، هذا أحسن ما قيل في التقوى، هذه هي التقوى، وعطفها على ما سبق إما أن يقال من باب عطف العام على الخاص، وهو كثير في القرآن. وإما أن يقال: إن ما سبق أوامر والتقوى للنواهي كما نقول في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، إن "البر" فعل الخير، و"التقوى" اجتناب الشر، وإذا ذكرت "التقوى" وحدها شملت فعل الخير وترك الشر.

والمعنيان لا يتنافيان؛ فهذه الأوصاف أو الأوامر الأربعة: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} كلها تشتمل على شيء واحد وهو فعل الأوامر واجتناب النواهي.

ثم قال: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}:

لعل: هنا للتعليل وليست للرجاء، لأن كلام الله عزّ وجل ليس فيه رجاء، فإنه على كل شيء قدير، ولا يصعب عليه شيء ولا يعسره شيء، لكنها للتعليل أي: لأجل أن تفلحوا.

و(الفلاح) قالوا: إنها كلمة جامعة للفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، الفلاح: أن يفوز الإنسان بمطلوبه، وأن ينجو من مرهوبه، ولا شك أن كل واحد من الخلق يتمنى هذا.

[من فوائد الآية الكريمة]

في هذه الآية الكريمة يوجِّه الله النداء إلى المؤمنين فيستفاد منه:

١ - فضيلة الإيمان، وأن أهل الإيمان هم أجدر الناس بتوجيه الخطاب إليهم؛ لقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.

٢ - أنه ينبغي للإنسان أن يأتي في أسلوبه بما يحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>