١٥ - إثبات العذاب؛ لقوله:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} والعذاب قد يكون في الدنيا، وقد يكون في الآخرة، والكائن في الدنيا قد يكون بفعل الله، وقد يكون بفعل عباد الله الذين هم حزبه، فمن أمثلة ما يكون على يد عباد الله قوله تعالى:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}[التوبة: ١٤] وما حصل على الكفار في غزوة بدر وغيرها. ومما يكون من فعل الله ما حصل يوم الأحزاب، فإن الأحزاب تفرقوا عن المدينة لا بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ولكن بما أرسل الله عليهم من الريح والجنود.
{وَإِنَّ مِنْهُمْ} الضمير يعود على أهل الكتاب؛ لأن الآيات سياقها واحد، وفي أول الآيات قال:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ}[آل عمران: ٧٥]، وهنا قال:{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ}، اللّي معناه: العطف، ومنه ليّ الحبل. فمعنى يلوون ألسنتهم: أي يعطفونها. و"اللي" هنا يشمل "اللي" اللفظي و"اللي" المعنوي. واللي اللفظي تارة يأتون بكلام من عندهم ويقرأونه قراءة الكتاب المنزل فيتوهم مَن يسمعه من الناس أنه من الكتاب المنزل، يعني يلحن الكلام كما يلحن القرآن، فيظنه السامع أنه من عند الله، هذا نوع. والنوع الثاني من اللي اللفظي التحريف، تحريف الكلم بلفظه كما حرف بعض المبتدعة قول الله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء: ١٦٤] إلى قوله: "وكلَّم اللهَ موسى تكليمًا" يريد بذلك أن يكون التكليم من موسى إلى الله.