للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإنسان إذا أذنب ذنبًا فإنه إن لم يتب فإن الشيطان يوقعه في ذنب آخر، وهكذا حتى يصبح قد أحاطت به خطيئته، ولهذا قال العلماء: إن المعاصي بريد الكفر، يعني تنتقل بالإنسان مرحلة بعد أخرى حتى يصل إلى قمة المعاصي وهي الكفر.

ثم قال الله عزّ وجل لما بيَّن خطأهم وأنهم هم السبب في هذا الخطأ: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}. وهذه كالتي سبقت في قوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: ١٥٢] فكرر الله العفو مرتين.

{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}: أي عن الذين تولوا، والعفو: ترك المؤاخذة على الذنب، ويكون في الغالب في ترك الواجبات، يعني أن الله عفا عمن ترك الواجب، والمغفرة وتكون فيمن فعل المحرم.

{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}:

الغفور من أسماء الله، والحليم من أسمائه سبحانه، والغفور معناه ذو المغفرة وهي ستر الذنب والتجاوز عنه؛ لأن أصلها من المِغْفَر وهو ما يلبس على الرأس ليتقى به السهام، وهو جامع بين الستر والوقاية، أما الحلم فهو التأني وعدم السرعة، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله:

وهو الحليم فلا يعاجل عبده ... بعقوبة ليتوب من عصيان

فالحليم معناها: الممهل للعباد المتأني في عقوبتهم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - بيان سبب انهزام من انهزم من الصحابة، وهو استزلال الشيطان لهم، ثم بيان هذا السبب الذي بُني عليه هذا السبب،

<<  <  ج: ص:  >  >>