للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩ - بيان قبح هذا المأوى؛ لأن الله أثنى عليه بأسوأ الثناء فقال: {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} وهذا يدل على قبح مأوى أهل النار، نسأل الله السلامة منها.

* * *

• ثم قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: ١٩٨]:

وهنا قد يقول قائل: ما وجه مجيء الاستدراك في هذه الآية: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ}، لأن الاستدراك إنما يكون فيما يتوقع دخوله فيما سبق، (قام القوم لكن فلان لم يقم) ممن يتوقع أن يكون فيهم قائم، فهنا {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} ما وجه الاستدراك؟

وجه الاستدراك أن الذين اتقوا ربهم لو حصل لهم في الدنيا مثل ما حصل لهؤلاء الكفار لم يكن ذلك حائلًا بينهم وبين ما عند الله، يعني قد يحصل تقلب المؤمنين في البلاد كتقلب الكفار، فهل يكون مأوى المتقين كمأوى الكافرين؟

الجواب: لا، ولهذا قال: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} فالاستدراك هنا من ألطف ما يكون لئلَّا يظن الظان أن الله لو مكَّن للمؤمنين أن يتقلبوا في البلاد تقلب الكفار لفاتهم ما عند الله، فبيَّن أنه لن يفوتهم فقال: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ}. والتقوى تمرُّ بنا كثيرًا، وأحسن ما فسِّرت به أنها: (اتخاذ ما يقي من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه)، هذا أجمع ما قيل في التقوى: اتخاذ الوقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

وقوله: {الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ}:

<<  <  ج: ص:  >  >>