للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله" (١). وهي محل النية والإرادة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الأعمال بالنيات" (٢) إذن عليم بذات الصدور أي بالقلوب، بصاحبة الصدور، هذا تفسير لفظي والمراد القلوب.

قال تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ}:

الخطاب للمؤمنين، وهنا أتى بصيغة الجمع، وأتى بصيغة المفرد في قوله: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} وسبق أن جاء بصيغة الجمع، وهذا من التفنن في الخطاب، ومن فوائده الانتباه، إن الإنسان إذا اختلف الأسلوب عنده انتبه وليس كما إذا كان الأسلوب على وتيرة واحدة. {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} الحسنة أيما حسنة دنيوية أو دينية أو مالية أو أهلية بدنية شاملة، ووجه الشمول أن حسنة نكرة، والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم، فأي حسنة تصيب المؤمنين فإنها تسوؤهم؛ لأنهم أعداء سواء كانت هذه الحسنة في المال أو البدن أو الأهل أو للنصرة أو أي حسنة كانت، فإن هؤلاء تسوؤهم الحسنة إذا مستكم.

وقوله: {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا}:

السيئة ما يسوؤكم، أي أصابكم ما يسوؤكم في البدن أو الأهل أو المال أو الدين {يَفْرَحُوا بِهَا}، أي يلحقهم الفرح بسببها،


(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (٥٢). ورواه مسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم (١٥٩٩).
(٢) رواه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>