للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنت الذي بين أسنانه حتى يقضمك {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} وهل الأنامل التي تعض طرف الأصابع أو وسط الأصابع؟ الظاهر أنها تختلف بحسب أعراف الناس. بعض الناس يعض الأعلى والآخر يعض الوسط، المهم كلها تنبئ عن شدة، إما شدة حزن أو شدة غيظ.

قال تعالى: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ}:

{قُلْ} الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - أو لمن يتأتى خطابه وهو الأقرب؛ لأنه كان يخاطب المؤمنين {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} {هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} يعني: قل يا أيها المؤمن لهؤلاء: موتوا بغيظكم، هذا الأمر بالإهانة وبيان عدم المبالاة بهم.

{بِغَيْظِكُمْ} الباء: قيل: إنها للغاية والمصاحبة أي ابقوا على غيظكم إلى أن تموتوا، وقيل: إنها للسببية أي موتوا بسبب غيظكم فإنه لا يهمنا، والثاني أقرب، فالأول دعاء عليهم ببقاء الغيظ إلى الموت، والثاني دعاء عليهم بتعجيل الموت بسبب الغيظ، فيكون هذا أقرب للصواب وأشد في التحدي والبعد عنهم.

{إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}:

الجملة استئنافية يبيّن الله تعالى فيها أنه عليم بذات الصدور أي بصاحبة الصدور وهي القلوب؛ لأن القلوب هي محل العقل والإدراك والتدبير للجسد. وإنما قلنا: إن (ذات الصدور) هي القلوب لقوله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦]. والقلب هو محل العقل ومحل التدبير، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت

<<  <  ج: ص:  >  >>