أو بالثواب نفسه أنه تحريف للكلم عن مواضعه، ويا سبحان الله كيف يثبت الله لنفسه أنه رضي ونحن نقول:(لا) بل رضي يعني أثاب أو رضي يعني أراد أن يثيب، أنحن أعلم بالله من نفسه؟ ! .
إذن نحن نثبت الرضا لله حقيقة، وأنه صفة من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته، ولكن هل رضاه كرضانا؟ الجواب:(لا) لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، فكما أن سمعا، وبصره وحياته وعلمه وقدرته لا تماثلها صفات المخلوقين، فكذلك هو لا يماثل المخلوقين، وكذلك الرضا والفرح والعجب وغيره.
٤ - إثبات اتصاف الله عزّ وجل بالفضل العظيم في كميته، العظيم في كيفيته، أما في كميته فإن الله تعالى يقول:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[إبراهيم: ٣٤] وجعل جزاء الحسنة عشرًا إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة، وأما في كيفيته فقد قال الله عزّ وجل:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧].
* * *
• ثم قال تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ١٧٥]:
{إِنَّمَا} أداة حصر، والحصر عند العلماء إثبات الحكم للمحصور فيه، ونفيه عما سواه، إذن فهو بمنزلة نفي وإثبات، وله طرق: منها {إِنَّمَا}، ومنها تقديم ما حقُّه التأخير، ومنها النفي والإثبات مثل (لا قائم إلا زيد)، ومنها إذا كانت الجملة اسمية معرّفًا طرفاها، وهذا معروف في كتب البلاغة.