للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه بثلث العسكر فتخلفوا والعياذ بالله، ولهذا قال: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} وفي قراءة (ما قُتِّلوا) بالتشديد على سبيل المبالغة؛ لأنه حصل في الذين استشهدوا، حصل فيهم تمثيل مثل حمزة - رضي الله عنه -، فإنه مثِّل به، حتى إن هندًا بنت عتبة أخذت كبدَهُ ومضغتها، ولكنها لم تستطع أن تهضمها، فلم تبلعها.

فنقول: (قُتِّلوا) بناءً على أن هذا التقتيل مبالغ فيه لما فيه من المثلة، أما (قُتِلوا) بالتخفيف فأمرها ظاهر.

قال الله تعالى: {قُلْ} يعني يا محمد لهؤلاء: {فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

{فَادْرَءُوا} بمعنى: ادفعوا، يعني لما تخلفتم هل أنتم نجوتم من الموت؟ . الجواب: لا.

وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} هذا من باب التحدي، يعني إن كنتم صادقين في أن من تخلف لا يموت فادفعوا عن أنفسكم الفوت، والجواب أنهم لا يستطيعون ذلك. وفي ختم هذا التحدي {فَادْرَءُوا} بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} تأكيد لكذبهم في قوبهم: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} يعني هم لو تخلَّفوا فالموت سيأتيهم، والله أعلم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - التنديد بهؤلاء الذين جمعوا بين قبح الفعل وقبح القول، يؤخذ من قوله: (قالوا)، (وقعدوا) قبح الفعل من كونهم قعدوا، والقول من قولهم: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}.

٢ - أن هؤلاء مع قبح قولهم وإدخال الندم على قومهم اعترضوا على القَدَر؛ لقولهم: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>