للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الإشارة إلى أن مثل هذا القول عند حلول القدر لا يجوز؛ لأنه سيق في سياق الذم، وهو كذلك، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا" (١)، أما لو قاله الإنسان خبرًا لا اعتراضًا على القدر ولا ندمًا على ما وقع؛ فإن هذا لا بأس به، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت مع الناس حين حلوا" (٢)، وليس هذا من باب التمني مثل ما ذهب إليه بعض العلماء، وأن (لو) هناك استخدمت في تمني الخير، بل نقول: هي خبر، وهذا يقع كثيرًا. وقد تقول للشخص: لو زرتني بالأمس لأكرمتك وما أشبه ذلك، تريد بذلك الخبر، وعلى هذا فنقول: إن استعمال (لو) يكون على وجوه:

الوجه الأول: أن يكون اعتراضًا على المقدر، فهذا لا يجوز، وهو منازعة للرب عزّ وجل في قضائه وقدره.

الوجه الثاني: أن يكون مثارًا للندم والتحسر، فهذا لا يجوز أيضًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه فقال: "إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا".

والوجه الثالث: أن يكون خبرًا عن الواقع، فهذا لا بأس به؛ لأنه لا يحمل الإنسان على الندم، وليس فيه منازعة لقدر الله عزّ وجل، وهو يقع كثيرًا في كلام الناس.


(١) تقدم تخريجه في حديث: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله"، (ص ٣٥٣).
(٢) رواه البخاري، كتاب التمني، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو استقبلت. . ."، رقم (٧٢٢٩). ورواه مسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج، رقم (١٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>